للوفاة حول العالم مراسم وطقوس عديدة نتحدث اليوم عن أغرب المراسم الجنائزية الأكثر غموضاً وتعقيداً والأغلى ثمناً بالعالم وقبل الخوض في تفاصيل ذلك نتحدث في نبذة مختصرة عن (الوفاة حسب التشريع الإلهي) حيث تحوى الكرة الأرضية شعوباً عدة لكل منهم طقوسه الخاصة تجاه الوفاة بخلاف المتعارف عليه في الديانات السماوية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، يتجلى ذلك في القصة الشهيرة بسورة المائدة حينما قتل قابيل أخوه هابيل ولم يعرف ماذا يفعل بالجثة فبعث الله غراباً يعلمه كيفية الدفن .
قال تعالى :-
واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27)لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين(28) إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين (29) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (30) فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين (31)
وطقوس الدفن :- تتم بتغسيل الميت وتكفينه ثم دفنه مع إختلافات طفيفة بين كل ديانة وأخرى .
معتقدات وطقوس غريبة لتوديع الموتى
من أغرب المعتقدات لتوديع الموتى (معتقد بامالي )هذا المعتقد الذي تعتنقه قبائل التوراجا، وهي (32) مجموعة تختلف إختلافا طفيفا فيما بينها.
وهي قبائل منها …المسيحى والمسلم ومنها غير ذلك …تسكن جنوب جزيرة سولاويسي بإندونيسيا ولكن رغم ذلك فطريقتها في الدفن تختلف تماما عن الطريقة المتعارف عليها إلا الأقلية جدا والذين يدفنون بالطريقة العادية.وبحسب معتقد التوراجا، لايجوز عندهم أن يلامس جسد الميت التراب نهائيا لأن الموت عندهم بداية لحياة جديدة وبحسب معتقداتهم أيضا أنه لو لم يدفنوا موتاهم بهذه الطريقة لحدثت كارثة كبرى حيث أن هذه الأموات لم تمت ولكنها تحيا حياة أخرى لذا هم يحضرونها لكي تحيا بسعادة وسلام .
فحينما يتوفي الميت لايتم دفنه مباشرة بل يحتفظون بجثته في المنزل (بعد أن يتم حقنها بمادة الفورمالين ) داخل التابوت يرتدي أجمل الثياب والإكسسوارات ويقومون بتغيير ملابسه كل فترة ويمشطون شعرة ويعتنون بنظافته الشخصية، وبالرغم من أنه متوفي إلا انه في إعتقادهم مازال على قيد الحياة لذا يضعون رأسه ناحية الغرب، لكن في حال نقله إلى التابوت ليتم وضعه بعد ذلك في البيت المخصص له في مراسيم الجنازة يقومون بوضع رأسه ناحية الجنوب مما يعنى في هذه الحالة أنه قد فارق الحياة وبالرغم من وفاته من أشهر عديدة إلا أنهم يبكون بكاء مريرا في تلك اللحظات الأخيرة قبل الذهاب للمقبرة كما لو أنه قد توفي الآن .
أغلى مراسم دفن على مستوى العالم
في هذه الأشهروالتي يتواجد فيها الميت داخل البيت مع أسرته يقومون بجمع المال وتحضير الأشياء اللازمة لمراسم الجنازة من الخنازير والأرز والثيران وتجهيز الأماكن للقادمين من مناطق بعيدة ، حيث تعد مراسم الدفن عند قبائل التوراجا المراسم الأغلى ثمنا والأكثر تعقيدا بالعالم .
فكل قادم عليه أن يحضر أحد الهدايا إما أرز أو عجل أو خنزير حيث تدل كل هدية على مكانة صاحبها ووضعه الإجتماعى وعندما يتوفي لهذا القادم أحد ، يقوم البقية بفعل الواجب معه أيضا، حيث لاتقتصر المراسم على كونها مراسم جنائزية فحسب بل تعد بمثابة مناسبة لالتقاء جميع أفراد القبيلة وتوطيد علاقاتهم الإجتماعية أيضا .
وتبدأ الطقوس بقتال الثيران ثم في اليوم التالي نحر هذي الثيران وأيضا الخنازير وتحضيرها وتوزيعها على المعزيين كما يتم التوزيع أيضا على أهل القرى المجاورة وبعد النحر يفرح أهل الميت ليس لأنهم سيودعوه بل لأنه بذلك تكون روحه قد تحولت إلى روح الإله.
مامدة مراسم الدفن عند التوراجا؟ ومتى تتم؟ وما الهدف منها؟
تستمر مراسم الدفن عند قبائل التوراجا (12) يوم، وتتم بين شهري آب وأيلول من كل عام، يأتون بالتوابيت المحملة بالموتى ويضعونها على القاعدة الخشبية ويلفون بها حول القرية بمثابة الواع الأخير للميت حيث أنه بعد هذه المراسم سينتقل الميت إلى القبر( الصخرة- الكهف) المخصص للدفن وذلك بهدف تحويل روح المتوفي من هيئتها السوداء بومبو إلى روح إندياتانا أي( إله)، يتقدم موكب الوداع هذا عدد من الرجال يحملون أعلاما بعدد الثيران التى ستذبح في المراسم، كما يقومون خلال هذه الفترة بين شهري ( آب وأيلول ) أيضاً بالذهاب إلى القبور وتنظيف الجثث كل ثلاث سنوات،ويرجع ذلك إلى أن هذه شهور الجفاف مما يكون الأمر أسهل من أي وقت آخر.
كيف يدفن التوراجا موتاهم وأين ؟
يدفن الميت عند قبائل التوراجا حسب سنه ووضعه الإجتماعي أيضا فإذا توفى المولود حين ولادته فيدفن بداخل جزع شجرة حيث أنه حسب معتقداتهم أن المولود إذا توفي قبل أن يتعلم المشي فروحه ستظل تزحف على الأرض حتى تستقر بالدفن داخل جزع الشجرة معتقدين بذلك أنهم يعيدوه للحياه مرةً أخرى، فهم يبنون بيوتهم من الخشب وبهذا فإن أرواح هذه الأطفال ستحيا مرة أخرى معهم بهذه الطبيعة حينما يستخدمون أخشاب هذه الأشجار في البناء.
أما إذا ظهرت لهم أسنان فيدفنون حسب الطقوس العادية في الصخور حسب وضع العائلة الإجتماعي والمادي فكلما كان من عائلة ذات قوة ووضع اجتماعى أعلى يدفن بأعلى الصخرة، أما بالنسبة للموتى بعد فترة طويلة عندما لايتبقى من أجسادهم سوى العظام يقومون بجمعها في صندوق مخصص لذلك حتى يمكن لهذه المقابر استقبال موتى جدد .
كما يقوم البعض من قبائل التوراجا بدفن موتاهم داخل أحد الكهوف المخصصة لذلك حيث يتم تعليق التوابيت بالحبال داخل الكهف والبعض منها موضوع على رف خشبي مثبت جيدا بجدران الكهف بينما بالاسفل تجد العديد من الجماجم والتى تمثل الطبقة الأقل بالمجتمع .
وفي منطقة أخرى من قبيلة التوراجا يوجد صخرة أخرى يدفنون بها موتاهم حيث يضعون على شرفات المقابر تماثيل لأصحاب تلك المقابر بنفس الهيئة والملامح وهم يلبسون نفس الثياب الذي كان يلبسها المتوفي وفي معتقدهم أن هذه التماثيل تقوم بحراسة الميت ومراقبة مزارع الأرز.
الترابط الشديد بين التوراجا والمينيني
تأتي العائلة في الكثير من الأحيان محملين بالأطعمة التى كان يحبها المتوفي ويأكلون أمام قبره واضعين له منابا خاصا به في إعتقادهم أن روحه تأكل معهم، كما يقوم التوراجا أيضاً باستخراج جثث موتاهم وتزيينها باللباس الجديد ووضعها مع عائلتها والتقاط الصور معهم ومشاركتهم وقتاً سعيداً حيث يتعرف فيه الصغار على آبائهم الذين ربما توفوا قبل أن يروهم، وعلى أجدادهم أيضاً في مشهد مؤثر يعبر عن أسمى المعاني الإنسانية حيث الحب والشوق والمودة والتآلف وعدم نكران العشير حتى وإن طالت فترة غيبته فيما يعرف بطقس (المينيني).